11 - 05 - 2025

وجهة نظري | نهاية النفق المظلم

وجهة نظري | نهاية النفق المظلم

نفق مظلم أجبرنا على السير فيه سنوات .. حلمنا بضوء في نهايته يبدد وحشة ما مررنا به ..وعدونا بالضوء .. لكن لا شيء يبشر بقدومه .. تزداد حيرتنا ونخشى أن تفاجئنا في نهاية نفقنا الخانق نار تحرقنا وليس نورا يهدى السبيل.

تتوالى الأحداث الجسام من حولنا .. لا تكاد تمر إحداها بقسوة حتى تفاجئنا غيرها أشد قسوة ومرارة.

غول الغلاء يتربص بنا، يخنقنا، يحول حياتنا لجحيم .. تكاد تسقط ورقة التوت التي تسترنا وتحمينا من سؤال اللئيم، نرفع أكفنا بتضرع وخشوع نطلب من الله العون وألا تجبرنا الحاجة لغير وجهه الكريم.

نبحث عن ضوء ولو خافت يهديء من روعة نفوسنا الحزينة .. تسرقه منا قرارات تزيد من حلكة أيامنا، جدول بغيض تخفى وراءه حكومتنا الفشل فتطلق عليه من باب التدليل ""تخفيف أحمال".

ساعات من الظلام وسط حر مرهق يطيح بما تبقى لنا من صبر، ويتلف مابقى لنا من أعصاب.

من ساعتين لثلاثة يتأرجح اللعب بحياتنا، نبتلع الغصة في صمت مقهور .. لتستفزنا مهرجانات وحفلات واضواء تتلألأ في سموات مدنهم المخملية وتخرج ألسنتها للمطحونين في الجمهورية القديمة.

يخشى ولاة أمورنا من صرختنا المكتومة أو ربما أرادوا لعبة أخرى من باب كسر الملل، أو التظاهر بإلقاء حجر في المياه الراكدة .. فيأتى الحديث عن حكومة جديدة، وإن جاءت متعثرة المخاض لكنها أيضا لم تبشر بجديد، بل على العكس حملت بعض أسماء وزرائها وملفاتهم التعريفية مايثير القلق والتخوف والرفض اكثر مايثير الثقة والتفاؤل والاطمئنان.

على قمتها تأتى صورته المحفوظة بينما يهز رأسه دوما بالموافقة ليبدو اقرب لتلميذ ليس بنجيب لكنه يؤثر إرضاء من حوله.

لم تفلح الحكومة الجديدة شكلا العتيقة سياسة وبرنامجا وطريقا أن تبشرنا بضوء في نهاية نفقنا المظلم .. وتوالت حوادث لتكرس شعورنا باليأس.

موت مفاجئ للاعب شاب .. كل التفاصيل تشير لموته قهرا ، تشير لما تعرض له من ظلم .. تأتى الكلمات الكاشفة على استحياء تبدو في محاولة لتخفيف وطأة تأنيب ضمائر ما زالت حية، لكنها لاتقوى أن تبوح بكل ما لديها ليبدو ماخفى عنه أكبر بكثير مما استطاعوا على استحياء البوح به..

طوق الحزن الجاثم فوق قلوب مقهورة دفعت لمحاولة خجولة لامتصاص الغضب. ما زالت سياسة التضحية بواحد أو اثنين مما أثاروا الاستفزاز وتحوم دوما حولهم الشبهات.. لكن هل يكفى ذلك لامتصاص الغضب وبث الثقة أم أنه سيصب في الاتجاه المعاكس ليثبت للجميع أن منظومة الفساد أكبر من أن تجتث من جذورها وأن مابقى فيها من أعماق أخطر بكثير مما يطفو على السطح.

وتأتى جريمة لاعبة الدراجات شهد لتزيد من تدفق دموعنا الحزينة .. تخطو خطواتها وهى تعرف جيدا قوانين البلطجة التي تحكمنا وأن الغاية تبرر الوسيلة وأن صعودها للتأهيل في مونديال دولى يمكن أن يأتي بتحطيم منافسة لها وكسر عظامها وإصابتها بفقد مؤقت للذاكرة.

رغم ما تعرضت له من عقاب بإيقاف وغرامة، إلا أن الحديث عن فرص سفرها وتمثيلها لمصر ظل يتردد ولم يحسمه قرار رادع حتى الآن، وإن حجمته كلمات وموقف اللاعبة الضحية التي لم تؤثر الصمت فكشفت عن حجم الجريمة التي كان من الممكن أن تمر بهدوء وبدون ردع أو حساب.

هل مازلنا نحلم بضوء في نهاية نفقنا المظلم؟! يأتي الحديث عن بيع الأصول ليزيد من شدة الخوف على مستقبل يبدو حالكا .. وماذا بعد بيع الأصول وما يتبقى لنا من وطن منزوع الملكية مكبل بالديون؟!

نحاول ما استطعنا جاهدين أن نتحلى بالصبر وبثقة في الله وإن كانت قناعتنا تذكرنا دوما بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. ولأننا عاجزون حتى الآن عن ذلك لايبقى أمامنا سوى تحمل نار الغلاء وعطن الفساد وفشل السياسات .. ولا نحلم بضوء في نهاية نفقنا المظلم، لكننا نبتهل ألا تحرقنا نار بعد قسوة ووحشة ظلمته.
-----------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

قانون الإيجار القديم .. لغم لا يحمد عقباه